الأمن في السعودية- تحديات إقليمية، استقرار داخلي، ورفاهية المواطن.

المؤلف: محمد مفتي10.03.2025
الأمن في السعودية- تحديات إقليمية، استقرار داخلي، ورفاهية المواطن.

لا ريب أن الأمن يمثل حجر الزاوية في حياة كل فرد داخل المجتمع، بل يتربع على قمة الأولويات التي يسعى الإنسان لتحقيقها، فهو أساس الاستقرار والازدهار، وأهم من توفير المأكل والمشرب والمسكن والعلاج، إذ لا قيمة لأي من هذه النعم إذا غاب الأمن. فما جدوى الوفرة المالية إذا كان الفرد يعيش في خوف دائم على حياته وممتلكاته؟ الأمن يعني أن يكون المواطن في مأمن من أي تهديد يستهدف سلامته الشخصية، وأمواله، وعرضه، وكلما ترسخ الشعور بالأمن في ربوع الوطن، ازداد انتماء المواطن وولاؤه لوطنه، وتعمقت جذور الحرية والتقدم، فبدون الأمن والاستقرار، يصبح المستقبل ضبابياً وغير واعد. تتجلى مظاهر الأمن والأمان في المجتمع من خلال عدة مؤشرات، أبرزها مستوى الجريمة المسجل سنوياً. فمن الطبيعي ألا يخلو أي مجتمع من الجريمة مهما بلغت قوة أجهزته الأمنية، لكن ارتفاع أو انخفاض معدلات الجريمة يعكس مدى كفاءة تلك الأجهزة، وقدرتها على الاستجابة الفورية لحماية المواطنين على مدار الساعة. هل الأجهزة الأمنية في حالة تأهب دائم لحماية المواطنين، أم أنها تتسم بالتقاعس والتأخر في الاستجابة لنداءات الاستغاثة؟ تعتبر المساحة الجغرافية للدولة من أبرز التحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية، فكلما اتسعت رقعة البلاد، زادت الصعوبات والتحديات الأمنية، وتطلب الأمر توفير المزيد من الإمكانات والتجهيزات المتطورة، بالإضافة إلى الكوادر البشرية المؤهلة والموارد المالية الضخمة، لضمان بسط الأمن والاستقرار في جميع أنحاء البلاد المترامية الأطراف. لهذا السبب، غالباً ما تكون معدلات الجريمة أعلى في الدول ذات المساحات الكبيرة مقارنة بالدول الصغيرة، حيث يسهل السيطرة الأمنية نظراً لمحدودية العوامل المؤثرة في الجريمة. وبالنظر إلى هذه المعطيات، نجد أن المملكة العربية السعودية - بفضل من الله - تنعم بمستويات عالية من الأمن والاستقرار، رغم مساحتها الشاسعة وتنوع تضاريسها، فالمملكة الممتدة من الخليج العربي شرقاً إلى البحر الأحمر غرباً، تخضع لسيطرة كاملة من قبل الأجهزة الأمنية، حيث تتوفر قاعدة بيانات شاملة لكافة المواطنين يصعب اختراقها، بالإضافة إلى شبكة واسعة من أجهزة الرصد الإلكتروني المتطورة والكاميرات الحديثة، وبنية تحتية متكاملة ومنظومة اتصالات تغطي كافة المدن والقرى، مما يمنح المواطن شعوراً بالأمان سواء داخل المدن أو أثناء التنقل عبر شبكة الطرق الحديثة. مما لا شك فيه أن ضعف البنية التحتية وصعوبة التواصل مع الأجهزة الأمنية يزيد من معدلات الجريمة. فغالباً ما تستهدف الشبكات الإجرامية المناطق النائية التي يصعب على الضحايا فيها طلب النجدة، لذا أولت المملكة اهتماماً بالغاً بتطوير شبكة اتصالات متطورة تغطي كافة المناطق لحماية السكان من الجريمة، وهو ما يعكس حرص القيادة الرشيدة على توفير الأمن والسلامة لكافة المواطنين. لكن الخطر الأكبر يكمن في الإرهاب الخارجي الذي يبث سمومه عبر وسائل الإعلام المختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي، ويسعى إلى التحريض على الفتنة والإساءة إلى الوطن وقيادته، بالإضافة إلى محاولة تنفيذ عمليات إرهابية داخل المملكة من خلال استغلال ضعاف النفوس لزعزعة الاستقرار وتقويض أمن الوطن، والقضاء على شعور المواطن بالأمان. هذه الخلايا الإرهابية الخبيثة التي يتم القبض عليها، تتلقى جزاءها العادل الذي يصل إلى الإعدام في بعض الأحيان، وهو ما تعلنه وزارة الداخلية في بياناتها التي توضح نجاح الأجهزة الأمنية في القبض على مثيري الفتن والمتعاونين مع جهات خارجية لإيذاء المواطنين، وهو الأمر الذي يحظى بتقدير كبير من المواطنين الذين يدركون حجم التحديات الأمنية التي تواجهها المملكة، خاصة في ظل الظروف الإقليمية المضطربة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط. تلجأ بعض الدول إلى حلول غير تقليدية لمواجهة الإرهاب، مثل تقييد سرعة الإنترنت أو حجب بعض المواقع، مما يؤثر سلباً على حياة المواطنين. لكن المملكة العربية السعودية حافظت على تطور شبكة الاتصالات بل وعززت من سرعتها وكفاءتها، إدراكاً منها بأهمية ذلك في توفير سبل الراحة والرفاهية للمواطنين، ولم تسمح للتحديات الأمنية بالتأثير على جاهزيتها، وذلك من خلال تعزيز دور المواطن وجعله خط الدفاع الأول عن وطنه. وقد أعلنت رئاسة أمن الدولة مؤخراً عن مبادرة كريمة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بالعفو عن المواطنين الذين تم التغرير بهم وشاركوا في أعمال عدائية ضد المملكة في الخارج، ممن لم يتورطوا في جرائم إرهابية، وهو ما يجسد رؤية المملكة القائمة على التسامح والعفو عند المقدرة، مع التأكيد على أن العفو مشروط بعدم ارتكاب جرائم إرهابية تسببت في إزهاق أرواح الأبرياء، فالقيادة الرشيدة حريصة على مد يد العون للشباب الذين قد يقعون ضحية للتغرير بسبب قلة خبرتهم، ومنحهم فرصة للعودة إلى وطنهم وأسرهم آمنين مطمئنين.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة